بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
”إِنَّ
اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا“
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ جَعَلْتَهُ
سَبَبًا لِانْشِقَاقِ أَسْرَارِكَ الجَبَرُوتِيَّةِ، وَآنْفِلَاقًا لِأَنْوَارِكَ
الرَّحْمَانِيَّةِ، فَصَارَ نَائِبًا عَنِ الحَضْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ،
وَخَلِيفَةَ أَسْرَارِكَ الذَّاتِيَّةِ، فَهُوَ يَاقُوتَةُ أَحَدِيَّةِ ذَاتِكَ
الصَّمَدِيَّةِ، وَعَيْنُ مَظْهَرِ صِفَاتِكَ الأَزَلِيَّةِ، فَبِكَ مِنْكَ صَارَ
حِجَابًا عَنْكَ وَسِرًّا مِنْ أَسْرَارِ غَيْبِكَ،حُجِبْتَ بِهِ عَنْ كَثِيرٍ
مِنْ خَلْقِكَ، فَهُوَ الكَنْزُ المُطَلْسَمُ وَالبَحْرُ الزَّاخِرُ المُطَمْطَمُ،
فَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِجَاهِهِ لَدَيْكَ، وَبِكَرَامَتِهِ عَلَيْكَ، أَنْ
تَعْمُرَ قَوَالِبَنَا بِأَفْعَالِهِ، وَأَسْمَاعَنَا بِأَقْوَالِهِ وَقُلُوبَنَا
بِأَنْوَارِهِ، وَأَرْوَاحَنَا بِأَسْرَارِهِ، وَأَشْبَاحَنَا بِأَحْوَالِهِ،
وَسَرَائِرَنَا بِمُعَامَلَتِهِ، وَبَوَاطِنَنَا بِمُشَاهَدَتِهِ وَأَبْصَارَنَا
بِأَنْوَارِ مُحَيَّا جَمَالِهِ، وَخَوَاتِمَ أَعْمَالِنَا فِي مَرْضَاتِهِ،
حَتَّى نَشْهَدَكَ بِهِ وَهُوَ بِكَ فَأَكُونَ نَائِبًا عَنِ الحَضْرَتَيْنِ
بِالحَضْرَتَيْنِ، وَأَدُلَّ بِهِمَا عَلَيْهِمَا، وَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَنْ
تُصَلِّيَ وَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ صَلَاةً وَتَسْلِيمًا يَلِيقَانِ بِجَنَابِهِ
وَعَظِيمِ قَدْرِهِ، وَتَجْمَعَنِي بِهمَا عَلَيْهِ، وَتُقَرِّبَنِي بِخَالِصِ
وُدِّهِمَا لَدَيْهِ، وتَنْفَحَنِي بِسَبَبِهِمَا نَفْحَةَ الأَتْقِيَاءِ،
وتَمْنَحُنِي مِنْهُمَا مِنْحَةَ الأَصْفِيَاءِ، لِأَنَّهُ السِّرُّ المَصُونُ
وَالجَوْهَرُ الفَرْدُ المَكْنُونُ، فَهُوَ اليَاقُوتَةُ المُنْطَوِيَةُ عَلَيْهَا
أَصْدَافُ مَكْنُونَاتِكَ، وَالغَيْهُوبَةُ المُنْتَخَبُ مِنْهَا مَعْلُومَاتُكَ،
فَكَانَ غَيْبًا مِنْ غَيْبِكَ وَبَدَلًا مِنْ سِرِّ رُبُوبِيَّتِكَ حَتَّى صَارَ
بِذَلِكَ مَظْهَرًا نَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْكَ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ
وَقَدْ أَخْبَرْتَنَا بِذَلِكَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِكَ بِقَوْلِكَ، ”إِنَّ
الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ“، فَقَدْ زَالَ عَنَّا
بِذَلِكَ الرَّيْبُ وَحَصَلَ الإِنْتِبَاهُ، وَآجْعَلِ اللَّهُمَّ دَلَالَتَنَا
عَلَيْكَ بِهِ وَمُعَامَلَتَنَا مَعَكَ مِنْ أَنْوَارِ مُتَابَعَتِهِ، وَارْضَ
اللَّهُمَّ عَلَى مَنْ جَعَلْتَهُمْ مَحَلًّا لِلْإِقْتِدَا، وَصَيَّرْتَ
قُلُوبَهُمْ مَصَابِيحَ الهُدَى، المُطَهَّرِينَ مِنْ رِقِّ الأَغْيَارِ وَشَوَائِبِ
الأَكْدَارِ، مَنْ بَدَتْ مِنْ قُلُوبِهِمْ دُرَرُ المَعَانِي، فَجُعِلَتْ
قَلَائِدَ التَّحْقِيقِ لِأَهْلِ المَبَانِي، وَآخْتَرْتَهُمْ فِي سَابِقِ
الإِقْتِدَارِ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ المُخْتَارِ، وَرَضِيتَهُمْ
لِانْتِصَارِ دِينِكَ فَهُمُ السَّادَاتُ الأَخْيَارِ، وَضَاعِفِ اللَّهُمَ
مَزِيدَ رِضْوَانِكَ عَلَيْهِمْ مَعَ الآلِ وَالعَشِيرَةِ وَالمُقْتَفِينَ
لِلْآثَارِ، وَآغْفِرِ اللَّهُمَّ ذُنُوبَنَا وَوَالِدِينَا وَمَشَايِخِنَا
وَإِخْوَانِنَا فِي اللهِ، وَجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، وَالمُسْلِمِينَ
وَالمُسْلِمَاتِ، المُطِيعِينَ مِنْهُمْ وَأَهْلِ الأَوْزَارِ.
”سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ،
وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ“.